سلام و مرحبا


أقوم المسالك، مدوّنتكم لما وراء الأخبار السّياسيّة و كلّ ما يهمّ الشّأن العام.

Thursday, October 11, 2012

تسريبات فيديو الغنّوشي: أخيرا تنكشف الحقيقة


حظي الفيديو المرفق أعلاه باهتمام إعلاميّ منقطع النّظير. و قبل تناول المحتوى فقد أردت أن أعرّج بالقارئ على ظاهرة سياسيّة فريدة في تونس. فالقوى السّياسيّة المعارضة، لم تعي جيّدا أنّ نشر أيّ فيديو لشخصيّة إسلاميّة محوريّة لا يصبّ في مصلحتها الإنتخابيّة. و كما كان الأمر قبيل الإنتخابات السّابقة، فمرّة أخرى تجد النّهضة سبيلها إلى شاشات و ألسن مقترعين محتملين على ظهور المعارضة. أمّا حول صحّة الفيديو من عدمه، و بعد الإطّلاع على ما قدّم على أنّه الفيديو الكامل من طرف المتهّمين، فإنّي أرى صحّته. أؤخّر إحتمال التّزوير لا لإعتبارات تقنيّة بل لأنّ المحتوى الموضوعيّ نفسه لا يشذّ عن المتعارف عليه. 
أمّا حول المحتوى، فهب أن كان الغنّوشي صرّح بأنّ الجيش و الشّرطة و الإدارة علمانيّة و رجعيّة و لا ثوريّة. فأين مكمن العجب و ماهو السّر الذّي كان مطمورا و برز؟ 
في الحقيقة، قول النّهضة أنّ "أقليّات" في أجهزة الدّولة هي فقط المعادية للثّورة هو ما يمكن الطّعن فيه. فيمكن لنا تنزيله منزل المهادنة السّياسيّة و المراعات المرحليّة إن أردنا. لكنّ الواقع يبقى كما هو: أغلب المؤسّسات و خصوصا العاملين فيها من الإطارات السّامية هم من رجالات النّظام السّابق. و تحصين الثّورة ضدّ القوى الرّجعيّة داخل الجيش و الشّرطة و الإدارة واجب شرعيّ بل هو حتميّ لنجاح الثّورة من عدمه. 
أمّا حول الطّبيعة العلمانيّة للنّخب المتنفّذة: إنّ هذا المر مفروغ منه. بن على لم يكن إسلاميّا و لم يستخدم الإسلاميّين و يعطهم المناصب الإداريّة و الإعلاميّة. و هو معلوم لمن أراد أن يتبصّر أن بن على إستخدم نخبا إستئصاليّة يساريّة لتحقيق برامجه الثّقافيّة و التعليميّة و الإعلاميّة. لكنّ هذا ليس شهادة خيانة على كلّ العلمانيّين أو اليساريّين. فليس كلّ من ينتمي لفكر سائد ظالم بظالم كفرد في حدّ ذاته. 
إنّ التعجّب من حقائق ثوريّة بديهيّة كهذه مثير للرّيبة من طرف المشكّكين. كما أتنفّس الصّعداء لأنّ هذا الفيديو كشف أنّ بعضا من النّخب الحاكمة على علم بالتّوازنات الثّوريّة. أي أنّ النّهضة على الأقلّ تعي أنّ أعداء الثّورة متنفّذون هذا الوعي أقلّ الإيمان و يفنّد الشّائعات حول تحالف لها مع التجمعيّين. 

No comments: