سلام و مرحبا


أقوم المسالك، مدوّنتكم لما وراء الأخبار السّياسيّة و كلّ ما يهمّ الشّأن العام.

Thursday, July 4, 2013

الخطأ الأوحد و الوحيد الذي أسقط مرسي و يهدّد تونس


سقط مرسي. سقطت غزّة و زيارة الرّؤساء لها. سقطت النّهضة المصريّة. سقط مشروع قناة السّويس. سقطت الدّولة المدنيّة و دستور ثلثي الشّعب المصري و إنتخاباته و إعلامه. هل سقط كلّ شيء؟ لا.
بل إنّ بين صفحات التّاريخ أمثلة لإنقلابات فاشلة فوق عددها تلك النّاجحة. لا يزال الأمل على أشدّه و لم يحسم شيئ بعد. و لا نعلم ما ستحمله الأيّام المقبلة من ردّة فعل للقوى الدّاعمة للرّئيس المنتخب و الشّرعيّ بعد إمتصاصها للصّدمة و تحيينها لخياراتها، و هي الخبيرة بطرق العمل تحت الضّغط الأمنيّ و التّعتيم الإعلاميّ.
و لكن لا يسعني، من صئدد الألم و الحرقة على محاولتنا الموؤودة لتحقيق آدميّتنا إلّا أن أضع اليد على السّبب الوحيد لهذا الإنقلاب و قد تشتّت التّحليلات بهستيريّة لتضعه على شمّاعة التّدخل الأجنبيّ و التّواكل-على طريقة نظريّة المؤامرة:
صحنا و صرخنا و كتبنا و قلناها مرار و تكرارا. تجاهلني الصّديق و العدوّ بل و ضحكت منّي ذات مرّت قاعة مؤتمرات كاملة.
نعم لمرسي شرعيّة الصّندوق و وراءه جموع الشّعب المصريّ و القانون و الدّستور. و لكن ماذا عساه يفعل بمناصريه العزّل، يضعون ورقة في صندوق و السّلام. زخّة أو زخّتان من سلاح "جيش جمهوريّة مصر العربيّة" الذّي لم يصبر على "آداء واجبه الوطنيّ" سنة و نيف، و سيرجعون أدراجهم و لا هم يلامون. ثمّ يبدأ العمل على طريقة بن علي بقظم المؤيّدين شيئا فشيئا و تقطيع أوصالهم و سجنهم و لا ارى تلّ أبيب تمانع في رحيلهم البتّة.  
و لكن. و لكن لا يملك مرسي قوّة تنفيذيّة. يجب على الحكّام الجدد تأسيس حرس للثّوررة بطريقة معلنة و قويّة حتّى يصبح لمحاول الإنقلاب حسبان ألف حساب آخر. كيف ربحت الثّوة الكّوبيّة؟ كيف نجت حماس في قطاع غزّة من مذبحة كانت محدقة بهم؟ كيف استمرّ النّظام الإيرانيّ؟ فحتّى مريد السّلم و الدّيمقراطيّة إن لم تكن له بندقيّة تحمي الصّندوق و تحفظ السّلم و تعدّل موازين القوى النّفسيّة فباب السّجون السياسيّة أقرب إليه و أدني من تحقيق أيّ من أهدافه و برامجه حتّى إن و كانت النّبل ذاته.  
إنّ ذروة سنام الثّوة هو إيجاد قوّة أمنيّة حقيقيّة موالية لها دون مواربة. و لقد بان بالكاشف أنّ بوليس مبارك سيبقى طول الدّهر بوليس مبارك و لا إصلاح له إلّا تحييده. هل يصدّق عاقل أنّ الفاسد المعذّب سيتولّى ضبط الأمن بإخلاص ليستتبّ الأمر إلى سجينه السّابق؟ هل بلغت بنا السّذاجة أن يناط بالمرتشين السّفاحين التّحقيق و إيجاد الادلّة لإدانة أولياء نعمتهم من فلول طلقاء يقابلونهم و يستشيرونهم و هم أدرى بكواليس الجهاز الأمنيّ من أيّ رئيس شرعيّ مهما كتب من قوانين و تصوّر أنّه يعالج مريضا  في الحقيقة ميؤوس من شفائه لانه إستحال عفنا خالصا لا أمل فيه ولا حياة .
هذه مصر بدستورها و بملايين إخوانها المهيكلين المنظّمين بدون انقطاع منذ 1928، فما بالك بتونس و ملايين تجمعيّيها و تضخّم قطاعها البولسيّ و برجال أعمالها الفاسدين الطّلقاء و بإعلامها النوفمبريّ؟ إستبعد رئيس وزراء تونس "تكرار السّيناريو المصري" بتونس و تلك أضغاث أحلام تلاك درءا للكابوس القادم. ماذا سيمنع مليوني تجمعيّ من التّجمهر بشارع الحبيب بورقيبة" لاستكمال الثّورة". ماذا سيضمن لكم جانب أمن بن علي و هاهي ما تسمّى بنقابات الأمن تتطاول عليكم في عزّ قوّتكم و ليست بمتراجعة عن نحركم و نحرنا عند أوّل رجّة حقيقيّة. أتعتقدون أنّ جنود الردّة لا يملكون جهاز تلفاز أم هم نيام عند حدوث إنقلاب مصر و السّهولة التّي حدث بها تسليم رآسة 80 مليون نفر إلى من لم يعرفوا فما بالك بيرتضوا؟ نعم لا جيش لتونس قادر على الإنقلاب و لكنّ البوليس أكثر من قادر على قلب الوضع متى شاء. باللّه عليكم،  مثلا عيّنتم ولّاة، و تركتم الطّاقم الفاسد من حارس الولاية إلى كاتبة الوالي، طرد واليكم إذا سهل و لا يستلزم إلّا رسالة نصيّة من وليّ نعمة تجمعيّ في ظرف سانح و يكون الوالي أمام الباب إن نجى بحياته.
حتّى لا تقتلنا الردّة، و ما أسهلها (راجع مقال حتّى لا تقتلنا الردّة على نواة) أكرّر و لن أسأم من التّذكير. يجب تكوين حرس معلن و شفّاف للثّورة صلب الدّاخليّة. قيادات حرس الثّورة يجب أن تكون من صلب الثّوار و الشّباب و الأمناء و كلّ أعضائه من الشّباب المنظمّين لسلك الأمن بعد الثّورة. قوّاة حرس الثّورة ستعتقل و ستقتل كلّ من يدعوا لتقتيل أيّ فصيل بتونس، سيخرجون كلّ من يدعوا إلى تهديد وحدة تونس التّرابيّة كالجرذ من منزله، حرس الثّورة سيحمون كلّ مظاهرة و كلّ إضراب لتحقيق التّطهير و طرد الفاسدين، حرس الثّورة سيحقّق في جرائم النّظام السّابق و يقدّم أدلّة بتّارة و يطبّق القانون و سيحترم المواطنين و لن يسبّ أمّهاتهم حتّى قبل تطبيق حكم الإعدام على قاتل مدان فما بالك بمتظاهر أو صحفيّ غيور.
مطلب الثّوار الأوّل و برنامج الحكومة العاجل لا يجب أن يعدو هذا و لا يلومنّ أحد إلّا تخاذله يوم لا تنفع النّدامة.
حرس الثّورة  إستحقاق      لا إصلاح النّفاق

No comments: